" للحمير فقط "
مقالة منعت من النشر في جريدة " أويا " ، بقلمي ..
في فترة ماضية ، إسترعتني حالة من الإستغراب لظاهرة ظريفة نوعاً ما ، فقد كان بجانب سكني ، وهو أمام بوابة مصنع التبغ الرئيسية ، طريق بإتجاه واحد ، تخالفه جميع السيارات ويدخلونه بشكل عكسي ، وبشكل طبيعي ، إعتماداً على قانون الإنسان الليبي الأزلي " خالف تعرف " . وجاء الحل بطريقة مغايرة تماماً للمتوقَّع ، حين كتب أحد المتطوعين ـ الكثر ما شاء الله ـ على الطريق لافتة تقول ( الذاهبين من هنا للحمير فقط ) ، أما ما أدهشني فإن عدد السيارات المخالفة بدأ يقلُّ جداً ، وأصبح من النادر جداً أن تخالف سيارة هذا الطريق . لقد نجح الحل ..!! ، وقلت أن السبب طبعاً نتيجة لأن العرب والليبيين خاصة ، ما زالت تحرّكهم العاطفة ، وقبول الإهانة هي آخر شيء يمكن أن يفعلوه ، وخطر في عقلي خاطر ، لماذا لا نحوّل كلَّ إشارتنا المرورية إلى هذه الطريقة ، فبدل اللون الأحمر ، تضاء لافتة تقول ( اللّي يمشي حمار !! ) ، وبدل اللون الأخضر لافتة تقول ( ما زلت واقف يا ثور ؟!) ، ونعمّم هذه الفكرة على جميع الإشارات والتنبيهات ، ولا بأس من خروج الفكرة من دائرة المرور ، لتتجاوز المصالح الحكومية ، وما في ذلك من عبارات كثيرة من ( ممنوع التدخين يا مريض ) ، إلى ( يرجى الهدوء يا كلاب ) ، ويمكننا إستعمال كلمة ( قرد ) في حالات وضع القمامة ، لأن القرد يحمل شهرة لا بأس بها في هذه الحالات ، فقد رأيت أكثر من لافتة تقول ( لا تضع القمامة هنا يا قرد يا حمار ) ، ( حمار ) كما هو واضح تستخدم بكثرة ، حتّى أنني أخشى أن تنفذ هذه الكلمة منَّا يوماً ما ، رأيت عبارة تقول ( ممنوع وضع القمامة هنا يا سويسري ) ، وقد أدَّت هذه العبارة نتيجتها فعلاً ، تلاحظون هنا أن اللعبة النفسية في العبارة شديدة جداً ، ومن كتبها لابدَّ أن يأخذ جائزة ما .
كلُّ هذا كان في فترة ماضية ، اليوم وأنا أنهض صباحاً ، وجدت أنَّ الظاهرة رجعت من جديد للشارع العزيز ، وفكَّرت أنهم أعتادوا على مثل هذه الإهانات ، ولابدَّ من تصعيد الموقف من جهتنا بإهانات أشدُّ قسوة ..!!
بقلم : أحمد البخاري